سوريّة الفتنة والمقتلة؟ لا خروجَ من الأزماتِ إلا بالعودةِ لخيارِ الأمّة بالمقاومة ١٨٧٢٠٢٥ ميخائيل عوض ١ لم تَدّخرِ القوى
سوريّة: الفتنة والمقتلة؟ لا خروجَ من الأزماتِ إلا بالعودةِ لخيارِ الأمّة بالمقاومة
١٨/٧/٢٠٢٥
ميخائيل عوض
١
لم تَدّخرِ القوى الاستعماريةُ، على تنوّعِها وتبدّلِ أدواتِها ودولِها، جُهدًا ولا وقتًا، إلّا وكانتْ مهمّتُها الأولى إسقاطَ الشام وتفكيكَها للسيطرةِ عليها، فمن يحكمْها يتحكّمْ برياحِ الأرضِ الأربعة.
استُهدِفتْ بالتقسيمِ والتقزيمِ، وإنشاءِ كياناتٍ مُصنّعةٍ للتخادمِ مع الكيانِ المُصنّع والمَزروعِ عُنوةً وقهرًا، وليخدمَ الجميعُ مصالحَ المستعمِرين.
٢
مُورِسَتْ على سوريّةَ كلُّ أنواعِ المؤامراتِ، ونُظِّمَتِ الانقلاباتُ، ووقعَتْ عليها الاعتداءاتُ، ولم تَنْكسرْ أو تُحْنِ رأسَها لأحد.
تجلّتْ بدورٍ إقليميٍّ حاكمٍ، وقاتلتْ، وأنشأتِ المقاومةَ، ورَعَتْ خيارَها، وأسنَدتْ كلَّ مَن تبنّى قضيّتَها المحوريّة: قضيّةَ فلسطين.
تآمَرَ عليها العربُ نُظمًا وجماعاتٍ وفصائلَ، واستُهدِفَتْ بحروبِ العقوباتِ والحصاراتِ، وزُجَّ فيها لإسقاطِها مئاتُ آلافِ المرتزقةِ وشُذّاذِ الآفاقِ، وفصائلُ الإسلامِ الأمريكيّ الأردوغانيّ، بقيادةٍ ولتأمينِ إسرائيلَ، وتفكيكِ سوريّة، والعبثِ بوحدتِها الوطنيّةِ الموصوفة، وقتلِ قلبِها النابض؛ عُروبتِها.
٣
تمكّنتِ المؤامرةُ منها، وسُلّطتْ عليها سُلطاتٌ مؤقتةٌ، أدواتُها غرباءُ ومهووسونَ بالقتلِ والإرهابِ الأسود، وبدأتْ محاولاتُ تفكيكِها ونسفِ أصل قوّتِها وحضورِها ونموذجِها الفريدِ، بإبادةٍ وتهجيرِ كُتلٍ من بُنيتِها.
فاستُهدِف الساحلُ وجبلُ العلويّين، وما زالتْ أعمالُ الإرهابِ جاريةً وقد تعصف، وتحوّلتِ العصاباتُ والمؤامرةُ إلى جبلِ العرب وطائفةِ العربِ الموحّدين، وافتُعِلَتِ الاشتباكاتُ، ثمّ دخلَتْ عصاباتُ الإرهابِ الأسودِ، وارتكبتْ المجازرَ والنهبَ وأعمالَ الإهانةِ والتطاولِ على رموزِ سوريّةَ الوطنيّةِ التاريخيّة، والمقصودُ إرهابٌ وإذلالٌ وتهجيرٌ وإبادة.
٤
التوازناتُ والاختلافاتُ بين قوى المؤامرةِ من رُعاةِ الإرهابِ الأسودِ، ومفاجآتُ الواقعِ نفسُه، وتفلّتُ العصاباتِ – وجلُّها من الغرباءِ المهووسينَ بالقتلِ والسبيِ والنهبِ – وربّما بتخطيطٍ مُسبق، استثمرَ نتنياهو في الفتنةِ، ووجّهتْ إسرائيلُ ضرباتٍ لرموزِ السيادةِ السوريّة، واستكملتْ تدميرَ البُنى التحتيةِ، وخاصّةً العسكريّةِ، بعد أنْ كانتِ السلطةُ المؤقتةُ قد حلّتِ الجيشَ ودمّرتِ الدولةَ ومؤسّساتِها، ووفّرتْ للإسرائيليّ تدميرَ الأسلحةِ والأبنيةِ والبُنى التحتيةِ التي كلّفَتِ السوريينَ ملياراتِ الدولارات، ولم تُحرّكْ ساكنًا، بل أعطتْ الإسرائيليَّ كلَّ ما طلبَه ويطلبُه، وأباحَتْ له سوريّةَ، ولَزِمَتْهُ الجنوب والغرب ليفعلَ ما أراد.
٥
عبثًا تلميعُ السلطةِ المؤقتةِ وتبرئتُها من العمالةِ للخارجِ ولإسرائيلَ، فكلُّ ما مارستْه يدينُها بالخيانةِ الوطنيّة، ويؤكّدُ وظيفتَها المُكلَّفةَ بها لتدميرِ سوريّةَ وتبديدِ نموذجِها ووحدتِها الوطنيّة، لتيسيرِ مخطّطِ تصفيةِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ واستعبادِ العربِ لقرون.
٦
وتتأكّدُ خيانتُها وعداؤُها لسوريّةَ والشامِ وقِيَمِها وطَبائعِها، في الهجمةِ الشرسةِ على جبلِ العربِ، ومحاولةِ إبادةِ وتهجيرِ سكانِه بذريعةِ فرضِ السلطةِ المركزيةِ ومنعِ التقسيم.
فالهجومُ على جبلِ العربِ مُدبَّرٌ ومتّفقٌ عليه بين الأمريكيّ والتركيّ والإسرائيليّ، وبرعايتِهم، وكُلِّفَتْ سلطةُ الجولانيّ بالمهمّة.
٧
كما سبق وقلنا، ظروفٌ موضوعيّةٌ وأسبابٌ مفاجئةٌ حالتْ دونَ أنْ ترتكبَ عصاباتُ الإرهابِ وتستكملَ مجازرَها لتهجيرِ أهلِ الجبل، وجَرَتِ الأمورُ على ما تمَّ.
إلّا أنّ استهدافَ الجبلِ وطائفةِ الموحّدين الدروز لن ينتهي، وسيبقى على جدولِ أعمالِ القوى الراعيةِ لسلطةِ الجولاني وللجماعاتِ الإرهابيّة، وبسببِ انكشافِ الخطّةِ والعجزِ عن حمايةِ العصاباتِ الإرهابيةِ من الغرباء، بدأتِ السلطةُ ومشغّلوها بزَجِّ اسمِ العشائرِ العربيّةِ لإدامةِ التوتّرِ والاشتباكاتِ واستهدافِ السويداء والجبل.
والمؤكَّدُ بالوقائعِ أنّ الذينَ يستهدفونَ السويداءَ والآمِنينَ هم ذاتُهم عصاباتُ الإرهابِ المتفلّتةُ، والمؤكَّدُ أنَّ العشائرَ العربيّةَ بأصلِها وكُتلتِها الأساسيّةِ لن تغدرَ بعروبتِها، وإلّا كيف تكونُ صفتُها "عربيّة"؟ وكذلك الأمرُ يفرضُ نفسَه على طائفةِ العربِ الموحدين، فتاريخُهم وبُنيتُهم ومكانتُهم في صيغةِ وصيانةِ الوحدةِ الوطنيةِ وتأمينِ عروبةِ سوريّةَ الطاغيةِ، تَفترضُ وتَفرضُ عليهم رفضَ الفتنةِ، ورفضَ الانجرارِ خلف أوهامِ الاستنجادِ بالإسرائيليّ وطلبِ دعمِه أو حمايتِه، فالاستنجادُ بإسرائيلَ يُطابقُ المثلَ الشعبيّ: "كالمستجيرِ من الرمضاءِ بالنار".
٨
سوريّةُ في مِحنةٍ وخطرٍ، والأصحُّ: في مقتلة.
كما أنّ الاعتداءَ على الجبلِ وساحلِ العلويّين كشفَ حقيقةَ السلطةِ المؤقتةِ وأدواتِها، والمهمّةَ التي كُلّفتْ بها، فإنّ استهدافَ جبلِ العربِ وطائفةِ الموحدينَ يزيدُ من انكشافِها، وانكشافِ دورِها ومهمّتِها لتخديمِ أسيادِها.
٩
لا مخرجَ لسوريّةَ والعربِ، ولا لاستعادةِ فلسطينَ وإسنادِ شعبِها الأبيِّ والأبديِّ المحارِبِ، والقادرِ على إلحاقِ الخسائرِ النوعيّةِ بإسرائيلَ وجيشِها، إلّا أنْ تعودَ سوريّةُ وتكويناتُها إلى دورِها ووظيفتِها.
فالجامعُ والموحِّدُ هو التمسّكُ بالحقِّ الوطنيِّ والقوميِّ، ورفضُ أيِّ شكلٍ من أشكالِ تشريعِ الكيانِ والتعاملِ معه، كما رفضُ كلِّ شكلٍ من أشكالِ الاستجارةِ به أو بالأعداءِ المُتربّصين والمُحتلّين، كالطامعِ التركيّ، أو العدوِّ الذي يديرُ المؤامرةَ ويحتلُّ أجزاءً من سوريّة أمريكا ومشاريعُها التدميريّةُ والتفتيتيّة.
مؤكّدٌ عندما كانتْ سوريّةُ تُعلِي الشأنَ الوطنيَّ والقوميَّ، كانتْ في عزِّها، وعزِّ وحدتِها الوطنيةِ وتماسكِها، ولعبتْ دورًا محوريًّا في الإقليم.
العودةُ إلى الوطنيّةِ والعروبةِ والسعيِ للتحريرِ واستعادةِ سوريّةَ هي المهامُّ التي تُنهي مؤامراتِ تدميرِها وتهجيرِ أبنائِها وتفكيكِها لتوطينِ الغرباءِ الإرهابيين، ولتحويلِها إلى ساحةٍ ومقابرَ لأهلِها، تعبثُ بها الغربانُ والشياطينُ من الإرهابيينَ المتوحّشين، ويستبيحُها الإسرائيليُّ والتركيُّ والأمريكيّ.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها